الخميس، 12 سبتمبر 2013

القانون الدولي يجرم التضيق او القاء القبض على المدونين

الحق في حرية الرأي والتعبير من منطلق القانون الدولي
 مرفت رشماوي*
الحق في حرية الرأي والتعبير حق أساسي يظهر في عدد من الاتفاقيات الدولية والإقليمية. وتعتبر المادة 19 في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الإطار الدولي الأساسي الذي يقنن هذا الحق. وتنص المادة 19 على ما يلي:
 1. لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة؛
2. لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها؛
3. تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،
(ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
ويعتبر الحق في حرية الرأي والتعبير عموما بأنه الحق الأساسي الذي يشكل إحدى الدعائم الجوهرية للمجتمع الديمقراطي. والأحداث التي شهدتها تونس ومصر مؤخرا هي الدليل القطعي على ذلك. فالاحتجاجات الجماهيرية الواسعة التي شهدتها تونس والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس بدأت بسبب عدد من المطالب المتعلقة بالانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان وكان من بينها وقد يكون من مقدمتها القمع المستمر والمنهجي لحرية الرأي والتعبير والتجمع وقمع المجتمع المدني وحركة حقوق الإنسان بشكل خاص. ولقد اتخذ التطلع إلى الديمقراطية أولا شكل التوجه إلى التعبير عن الآراء والمواقف. وفي مصر التي شهدت قمع المدونين ونشطاء حقوق الإنسان، خرج المطالبين بالديمقراطية إلى الشوارع والميادين باحتجاجات واسعة. وجاء رد الأجهزة الأمنية على ذلك بحملات اعتقالات واسعة طالت الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بالإضافة إلى تكبيل الأفواه وقمع حرية التعبير والرأي وتداول المعلومات من خلال إغلاق شبكات الهاتف والانترنت في محاولة لعزل مصر عن العالم.    
 قد يكون من المستحيل الإلمام بجميع الجوانب المتعلقة بهذا الحق لاتساعه وعلاقته باحترام وحماية حقوق الإنسان عامة. لذلك سأسلط الضوء على بعض الجوانب المختارة.
طبيعة الالتزام بالحق وإمكانية تقييده
من الضروري التأكيد أولا ان الحق في حرية اعتناق الآراء هو حق مطلق لا يسمح تقييده في أي ظرف من الظروف كما يشمل الحق في تغيير الآراء. ولا يسمح بالتمييز ضد أي شخص أو تقييد أو انتقاص أي من الحقوق الأخرى بسبب آراؤه او آراؤها الحقيقية أو المزعومة. وهذا الجانب من الحق يشمل الحماية لكل ضروب الآراء، بما فيها الآراء السياسية والدينية وغيرها التي قد تكون مخالفة لتلك التي تتبناها الأغلبية في البلاد أو التي تغاير أو تنقد أو تناقض تلك التي تتبناها أجهزة الدولة أو الحزب الحاكم. أما ما يسمح تقييده فهو الحق في حرية التعبير عن الرأي. إلا أنه عندما تفرض دولة القيود على ممارسة حرية التعبير، لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر. وتضع الفقرة 19 (3) شروطا، لا يجوز فرض القيود إلا بمراعاتها بحيث يجب أن "ينص القانون" على هذه القيود وأن يكون النص في القانون في غاية الوضوح والدقة بحيث يسمح لأي فرد أن يعلم متى تكون أفعالا معينة مخالفة للقانون. ولا يجوز أن تفرض القيود إلا لأحد الأهداف المبينة في الفقرتين الفرعيتين (أ) و(ب) من الفقرة 3؛ ويجب أن تكون "ضرورية" لتأمين أحد تلك الأهداف. ومن الضروري حماية حق الشخص في التعبير عن رأيه/ها أو عدم الإفصاح عن هذه الآراء. أي انه من غير المسموح أن يجري إكراه شخص ما على الإفصاح عن آراءه/ها. 
 أما الميثاق العربي لحقوق الإنسان لعام 2004، فقد جاء مخالفا لهذا المبدأ الأساسي في القانون الدولي حيث انه سمح بتقييد حرية الرأي والتعبير. ونصت المادة 32 من الميثاق العربي على أن:
 1- يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية؛
2- تمارس هذه الحقوق والحريات في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
والمؤشر الآخر السلبي في إطار جامعة الدول العربية هو تبني وزراء الإعلام العرب "مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي في المنطقة العربية" في إطار جامعة الدول العربية في شباط 2008. وبحسب الوثيقة تلتزم هيئات البث ومقدمو خدمات البث الفضائي وإعادة البث الفضائي بمراعاة قواعد عامة منها "عدم التأثير سلبا على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة". وتقوم المبادئ بوضع معايير وضوابط تلزم هيئات البث ومقدمو خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيقها احتراما لكرامة الإنسان وحقوق الآخر، واحترام خصوصية الأفراد والامتناع عن انتهاكها بأي صورة من الصور، والامتناع عن التحريض على الكراهية أو التمييز القائم على أساس الأصل العربي أو اللون أو الجنس أو الدين، والامتناع عن بث كل شكل من أشكال التحريض على العنف والإرهاب (إلا أن الوثيقة تفرق بينه وبين الحق في مقاومة الاحتلال)، ومراعاة أسلوب الحوار وآدابه، واحترام حق الآخر في الرد، مراعاة حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في الحصول على ما يناسبهم من الخدمات الإعلامية والمعلوماتية تعزيزا لاندماجهم في مجتمعاتهم. إلا أن الوثيقة تضيف معايير بلغة فضفاضة قد تخضع لتفسيرات عامة تؤدي إلى تقييد الحق في حرية الصحافة والتعبير. ومن بين هذه متطلبات "الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي"، و"الامتناع عن بث كل ما يسيء إلى الذات الإلهية والأديان السماوية والرسل والمذاهب والرموز الدينية الخاصة بكل فئة"، و"الامتناع عن بث وبرمجة المواد التي تحتوى على مشاهد أو حوارات إباحية أو جنسية صريحة"، و"تلتزم هيئات البث ومقدمو خدمات البث وإعادة البث الفضائي بتطبيق المعايير والضوابط المتعلقة بالحفاظ على الهوية العربية في المصنفات التي يتم بثها، بما في ذلك الرسائل القصيرة «أس أم أس»"، و"الالتزام بالموضوعية والأمانة باحترام كرامة الدول والشعوب وسيادتها الوطنية وعدم تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية بالتجريح".
 ويشكل الالتزام بضمان الحق واجبا إيجابيا بالقيام (أ) بحماية الأفراد من الأفعال التي ترتكبها جهات من غير الدول، (ب) وإعمال الحق أوتيسير التمتع به من قبل أجهزة الدولة.  ويقتضي الالتزام باحترام الحقوق أن تمتنع الدول وجوبا عن تقييد ممارسة جميع الأفراد للحق فيحرية الرأي والتعبير، إلا في حال استيفاء معايير معينة بموجب المادة(3) من العهد. وكثيرا ما تلجأ الدول إلى ذلك البند لتبرير تدخل لاداعي له في حرية التعبير ﺑﻬدف منع فضح ما ترتكبه الحكومات أو الكيانات الخاصة ذات النفوذ من فساد وسوء سلوك. وكثيرا ما يتم الإبقاء على قوانين عفا عليها الزمن، مثل القوانين المتعلقة بإثارة الفتن، والقواعد التي تمنع نشر أنباء كاذبة والتي يُعاَقب بموجبها من ينتقد الحكومة، وأيضا ممارسة النفوذ السياسي أو السيطرة السياسية على وسائل الإعلام العامة، وفرض شروط التسجيل على وسائل الإعلام أو شروط استخدام شبكة الإنترنت أو النفاذ إليها، وسيطرة الحكومة المباشرة على الترخيص لهيئات البث أو تنظيم عملها، وإساءة استخدامالدعاية الحكومية أو غيرها من سلطات الدولة، وملكية وسائط الإعلام أو السيطرة عليها سيطرًة ذات شأن من جانب الزعماء السياسيين أو الأحزاب السياسية، والدعاوى القضائية ذات الدوافع السياسية التي ترفع ضد وسائل الإعلام المستقلة.
 كما وكثيرا ما تستخدم القوانين التي تُجرِّم التشهير أو السب أو القذف الذي يمسّ شخصًا ما أو شيئًا ما والتي لا تزال سارية في معظم البلدانوالتي تمثل ﺗﻬديدا تقليديا آخر لحرية التعبير. إن عدم اشتراط العديد من القوانين عل إثبات المدعي العناصر الأساسية للجريمة، مثل الزيف والخبث، يجعل إساءة استخدام هذه القوانين أمرا غاية في السهولة. كما وأن استخدام القوانين التي تعاقب على نشر بيانات أو حماية سمعة الهيئات الحكومية، ورموز الدولة أو أعلامها، أو سمعة الدولة ذاﺗﻬا، وحماية المعتقدات أو المدارس الفكرية أو الإيديولوجيات أو الديانات أو الرموز الدينية أو الأفكار، واستخدام مفهوم التشهير الجماعي لتجريم التعبير خارج النطاق الضيق للتحريض على الكراهية، وفرض عقوبات قاسية غير مبررة مثل عقوبة السجن، والأحكام مع وقف التنفيذ، وفقدان الحقوق المدنية بما في ذلك حق ممارسة مهنة الصحافة، وفرض الغرامات المفرطة ما زالت من التهديدات الأساسية لحرية الرأي والتعبير. ولقد شددت هيئات الأمم والمتحدة مرارا على ضرورة قيام المسؤولين الحكوميين والشخصيات العامة بالسماح بالنقد بدرجة أكبر مما هو مطلوب من المواطن العادي.
 ومن الضروري الإشارة إلى أن العديد من هيئات الخبراء للأمم المتحدة أكدت أن القيود على الحق في حرية التعبير يجب أن تشكل الاستثناءلا القاعدة . وكما تشير اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمسؤولة عن الإشراف على تطبيق العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية أنه ينبغي على الدول لدى اعتمادها القوانين التي تنص على القيود المسموح بها أن تسترشد دائماً بالمبدأ القائل بعدم إعاقة جوهر الحق من جراء القيود. وينبغي للقوانين التي تجيز تطبيق القيود أن تستخدم معايير دقيقة، ولا يجوز لها أن تمنح المسؤولين عن تنفيذها حرية غير مقيدة للتصرف حسب تقديراتهم. كما ويجب أن تراعي القيود مع مبدأ التناسب؛ ويجب أن تكون ملائمة لتحقيق وظيفتها الحمائية؛ ويجب أن تكون أقل الوسائل تدخلاً مقارنة بغيرها من الوسائل التي يمكن أن تحقق النتيجة المنشودة؛ ويجب أن تكون متناسبة مع المصلحة التي ستحميها.
إلا أنه غالبا ما تتضمن قوانين العقوبات وقوانين الصحافة على الصعيد الوطني، أحكاما مبهمة تجرِّم انتقاد الحكومة أو كتابة تقارير عن مواضيع حساسة سياسيا أو اجتماعيا، وتستخدم ليس لمعاقبة الصحفيين المحترفين فحسب، بل ما يسمى "بالمواطنين الصحفيين" أيضا، على رغم مساهمة المواطنون الصحفيون في إثراء التنوع في وجهات النظر والآراء، بما في ذلك المعلومات عن مجتمعاﺗﻬم المحلية والفئات التي تحتاج إلى عناية خاصة، مثل النساء والشعوب الأصلية والأقليات، والدور الرقابي الحاسم الذي يضطلعون به في البلدان التي تنعدم فيها حرية الصحافة. وعلى الرغم من عدم وجود تعريف موحد لصحافة المواطنين بحد ذاﺗﻬا، يفهم عادة من هذا المفهوم التقارير الإخبارية المستقلة التي يقدمها، في كثير من الأحيان، هواة من مسرح الحدث، والتي تُنشر عالميا من خلال وسائل الإعلام الحديثة، عن طريق شبكة الإنترنت عموما. ويتعرض المواطنين الصحفيين أكثر من الصحفيين المحترفين للاعتداءات. ومع ذلك، يحظى المواطنون الصحفيون بحماية أقل من نظرائهم في وسائط الإعلام التقليدية.
 وفي كثير من الأحيان، تستخدم قوانين الطوارئ أو قوانين الأمن الوطني لتبرير القيود المفروضة على قيام المواطنين الصحفيين بالتعبيرعن وجهات نظر أو نشر معلومات عن طريق شبكة الإنترنت، وغالبا ما يكون ذلك التبرير على أساس حماية مصالح وطنية، لا يجري تحديدها بوضوح، أو الحفاظ على النظام العام . وفي حالات أخرى، جرى اعتماد قوانين أو مراسيم تنظم بشكل واضح التعبير عن الرأيعلى الإنترنت واستخدمت لتقييد التعبير السلمي عن الرأي والأفكار .
 واحد الجوانب الهامة من حرية الرأي والتعبير هو الحق في الوصول إلى ونشر المعلومات. ولقد تم الاعتراف على نطاق واسع، في السنوات العشر الأخيرة، بالحق في المعلومات بصفته حقا أساسيا من حقوق الإنسان . ويجب أن يشمل هذا الحق الوصول إلى معلومات من مصادر حكومية وقضائية. ولهذا علاقة وطيدة بدور المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الذين كثيرا ما يتعرضون للمضايقة بسبب نشرهم معلومات تود جهات حكومية الإبقاء عليها طي الكتمان. لذلك، ينص الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية اﻷفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا (والمعروف بإعلان المدافعين عن حقوق الإنسان) على أنه:
 "6) لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، في:
(أ) معرفة المعلومات المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وطلبها، والحصول عليها، وتلقيها، والاحتفاظ بها، بما في ذلك الإطلاع على المعلومات المتعلقة بكيفية إعمال هذه الحقوق والحريات في النظم التشريعية أو القضائية أو اﻹدارية المحلية؛
(ب) حرية نشر اﻵراء والمعلومات والمعارف المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية أو نقلها إلى الآخرين أو إشاعتها بينهم، وفق ما تنص عليه الصكوك المتعلقة بحقوق الإنسان وغيرها من الصكوك الدولية المنطبقة؛
(ج) دراسة ومناقشة وتكوين واعتناق اﻵراء بشأن مراعاة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مجال القانون وفي التطبيق على السواء، وتوجيه انتباه الجمهور إلى هذه الأمور بهذه الوسائل وبغيرها من الوسائل المناسبة.

7) لكل شخص، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، الحق في استنباط ومناقشة أفكار ومبادئ جديدة بصدد حقوق الإنسان وفي الدعوة إلى قبولها."
 كما أن الالتزام بإعمال الحق في حرية التعبير أو تيسير التمتع به يقتضي أن تتخذ الدول تدابير إيجابية واستباقية من بينها على سبيلالمثال إيلاء اهتمام كاف وتخصيص موارد كافية من أجل منع الاعتداءات على الصحفيين وكل من يعبر عن رأيه ويكون هناك خطر تعرضهم للمضايقة بسبب هذه الآراء، واتخاذ تدابير خاصة للتصدي لتلك الاعتداءات بما في ذلك توفير الحماية . ومن الضروري التحقيق في التهديدات وكفالة الحماية الفعالة بوسائل منها، على سبيل المثال، عن طريق برامج حماية الشهود . بالإضافة إلى ذلك، يقع على الدولالالتزام بالتحقيق في أية ﺗﻬديدات وأعمال عنف، بسرعة وشمولية وفعالية، بواسطة هيئات مستقلة ونزيهة.
 كما ويجب كفالة جبر الضرر للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم. وينطوي الجبر عموما على تعويض مناسب، ويمكن أن يشمل، عند الاقتضاء،رد الحق ورد الاعتبار وتدابير الترضية كالاعتذارات العلنية، وإقامة الأنصاب التذكارية العامة ، وتقديم ضمانات بعدم التكرار، وإجراءتغييرات في القوانين والممارسات ذات الصلة.
 أهمية دور الصحافة
كثيرا ما يتعرض الصحفيين الذين يقومون بنقل الأخبار المتعلقة بالمشاكل الاجتماعية للخطر، بما في ذلك الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات، أو يقومون بانتقاد الحكومات وذوي النفوذ، أو يبلغون عن انتهاكات حقوق الإنسان أو عن الفساد. وقد يكون أحد أكبر العوامل التي تفاقم التهديدات وأعمال العنف ضد الصحفيين هو الإفلات من العقاب، أو عدم التحقيق في الأفعال المرتكبة ومقاضاة الأشخاص المسؤولين.
 لقد نظر المقرر الخاص للأمم المتحدة حول حرية الرأي والتعبير في مسألة حماية الصحفيين وغيرهم من الإعلاميين، والاحتياجات الخاصة لحماية الصحفيين حيث يؤكد على الدور الهام الذي يضطلع الصحفيون به في إطار الضوابط والموازين في اﻟﻤﺠتمع، ويساهمون بالتالي في تطور الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارسة حقهم في حرية التعبير، أو جمع المعلومات وتحليلها ونشرها، وضمان حق الجمهور في الحصول على المعلومات. ويقوم الصحفيون بدور رقابي أساسي في ضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الشؤون العامة وغيرها من مسائل الاهتمام العام عن طريق إطلاع الجمهور على ما يجري. غير أن دورهم الرقابي وقدرﺗﻬم على التأثير في الرأي العام هما ما يؤديان في كثير من الأحيان إلى جعلهم أهدافا لمختلف انتهاكات حقوق الإنسان. كما ويشدد المقرر الخاص أن هذه الانتهاكات تشكل أولا وقبل أي شيء، انتهاكا لحق الصحفيين في حرية التعبير وحرية الصحافة،  كما وتشكل الاعتداءات على الصحفيين أيضا انتهاكا لحق الجمهور في الحصول على المعلومات.
 حرية التعبير وجرائم الارهاب
لقد أسيء استخدام مفهوم الأمن القومي لفرض قيود واسعة غير مبررة على حرية التعبير، وجاءت أبرز تجلياته في أعقاب هجمات أيلول /سبتمبر 2000، وتجدد الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب .ومن المشاكل التي نواجهها في هذا المجال التعريف الغامض و /أو الفضفاضلمصطلحات أساسية مثل الأمن والإرهاب فضلا عن الأعمال المحظورة مثل تقديم الدعم الإعلامي للإرهاب أو التطرف، و "تمجيد"الإرهاب أو التطرف أو الترويج لهما، ومجرد تكرار أقوال الإرهابيين، و إساءة استخدام المصطلحات الغامضة للحد من الخطابات ذات الطابع النقدي أو الهجومي، بما في ذلك الاحتجاجات الاجتماعية التي لا تشكل تحريضا على العنف، واتساع نطاق استخدام تقنيات المراقبة وتقلص القيود على عمليات الرقابة، الأمر الذي يؤثر سلبيًا على حرية التعبير.
 وقد أعرب المقرر الخاص في الأمم المتحدة المعني بحماية حقوق الإنسان عن قلقه البالغ من استخدام إجراءات لمكافحة الإرهاب كثيرا ما تكون مبهمة وبالتالي تبدو متنافية مع شرط المشروعية حسبما هو وارد في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وعليه، فإن هذه القيود والإجراءات لا تقتصر على مكافحة الإرهاب ولكن يمكن أن تستخدم أيضا فيما يتعلق بالتعبير عن الرأي الخالي من العنف. وفيما يتعلق ببعض العبارات والمفاهيم الفضفاضة والمبهمة مثل ”التشجيع غير المباشر“ لأعمال الإرهاب  ”والتمجيد“، الذي يفسر بأنه يتضمن ”أي شكل من أشكال الثناء أو الاحتفال“ فلقد أثنى المقرر الخاص على الإدراج الصريح لعنصر النية في بعض أجزاء القوانين، إلا إنه يأسف لأن النية لا تشكل دائما عنصرا ضروريا من عناصر الجريمة ولأنه من الممكن بوجه خاص أن ترتكب جريمة تشجيع الإرهاب ونشر المنشورات الإرهابية بفعل ”الإهمال“. ويرى المقرر الخاص أنه بعدم وضع حد أقصى للتجريم بوضوح، فإن عبارتي ”تمجيد“ الإرهاب أو ”تشجيع الإرهاب بصورة غير مباشرة“ لا تتيحان للأفراد أن ينظموا سلوكهم على النحو السليم وهذا لا يتفق مع أحكام المادة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقد يصل إلى مستوى التقييد غير المتناسب لحرية التعبير.
 ويؤكد المقرر الخاص الصلة القوية بين حرية التعبير والحقوق السياسية وحرية تكوين الجمعيات. وفي هذا الخصوص، فإنه يؤكد على أنوجود الأحزاب السياسية أمر حاسم بالنسبة لوجود مجتمع ديمقراطي فلا ينبغي اتخاذ تدبير بحل حزب
سياسي إلا في أقصى الحالات خطورة، وألا يتم ذلك إلا على أساس وقائع . ويجب ألا يشكل قيام أي حزب سياسي بنشر أفكارا مخالفة أومناقضة لأفكار الأغلبية أو لأفكار الحزب الحاكم أساسا لحظره ويكرر المقرر الخاص أن من طبيعة الديمقراطية السماح للأحزابالسياسية بالتعبير عن أفكار مختلفة، حتى لو كانت تلك الأفكار تشكك في التنظيم الحالي للدولة أو للحكومة التي في السلطة. والمسألةالأساسية التي يجب النظر بها في هذه الحالة هي ما إذا كانت المنظمة تستخدم وسائل إرهابية تتناقض بصفة جوهرية مع الديمقراطيةوتهدف إلى تدميرها .
 وعلى وجه الخصوص، تناول المقرر الخاص باختصار مسألة حظر المنظمات بسبب تحريضها على الإرهاب، حيث انه يؤكد على إن تجريم التحريض على الإرهاب في حد ذاته مطلوب ومتسق تماما مع الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يحظر الدعوة إلى الكراهية القومية والعنصرية والدينية، التي تشكل تحريضا على الأعمال العدائية أو العنف. ولكن يلاحظ المقرر الخاص أنه لضمان ألا يكون هناك تحريف للرسالة الأخلاقية المتمثلة في إدانة الإرهاب، فلا بد من تحديد شروط جريمة التحريض بدقة تامة. وهنا ينبغي استيفاء ثلاثة شروط: أولها، أن يكون هناك قصد وراء التحريض على ارتكاب جريمة إرهابية؛ ثانيا، ألا يكون هذا القصد من شخص واحد أو من عدة أشخاص، بل ينبغي أن يكون هو قصد الجمعية أو الجماعة أو الحزب السياسي ككيان جماعي؛ وثالثا، أن يوجد احتمال فعلي بأن يتم ارتكاب هذا العمل.
 استنتاج
من الواضح ان عدد من الانتهاكات التي تواجه عدد من نشطاء حقوق الإنسان، الصحافة، المدونين، والنشطاء السياسيين لها علاقة وثيقة بالحق في التعبير عن الرأي. كما وأن لحرية الرأي والتعبير دور هام لعمل المنظمات غير الحكومية التي لها دور مفصلي في حماية حقوق الإنسان وصيانة الديمقراطية وحكم القانون. إن عدم تمكين الصحافة من ممارسة الحق في حرية تبني الآراء، والتحاور حولها وممارسة حرية التعبير، بعيدا عن خطر التقييد المخالف للقانون الدولي، سوف يمنع المنظمات والصحافة من القيام بعملها بشكل فاعل مما يشكل عائقا أمام تقدم المجتمع. 
 
* مستشارة مستقلة في مجال حقوق الانسان عملت سابقا كمستشارة قانونية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأمانة الدولية لمنظمة العفو الدولية. كتبت هذه المقالة بالاستناد إلى آراء هيئات الخبراء في الأمم المتحدة، ولكنها تشمل أيضا آراء الكاتبة الخاصة حول الموضوع.


الثلاثاء، 10 سبتمبر 2013

الإعدام لصينية نهبت 16 مليون دولار


الإعدام لصينية نهبت 16 مليون دولار

  الإعدام ,   صينية

صينية حكمت بالإعدام عام 2001

الجمعة  06 أبريل, 2012 - 23:25  بتوقیت أبوظبي  - آخر تحديث 6 أبريل, 2012

قالت وكالة الصين الجديدة للأنباء (شينخوا) الجمعة إن محكمة في مدينة وينتشو حكمت بالإعدام على امرأة صينية احتالت على مستثمرين وحصلت منهم على نحو 16 مليون دولار.

وجاء الحكم بإعدام وانغ كاي بينغ، التي يتعين أن تقضي عامين في السجن، بعد أيام من إطلاق بكين برنامجا تجريبيا في وينتشو لكبح جماح سوق الإقراض الشخصي غير الرسمية التي كثيرا ما يلجأ إليها رجال الأعمال بالمدينة ويتعرضون للاحتيال.
وقالت شينخوا إن وانغ اقترضت أموالا في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2010 على وعد بشراء معدات والاستثمار في عقارات وفتح شركات لضمان الائتمان، لكنها بدلا من ذلك استخدمت الأموال للمضاربة في العقود الآجلة والذهب مع أخيها الأكبر الذي لا يزال طليقا.
وبعد أن منيت بخسائر ثقيلة من بينها 30 مليون يوان في سبتمبر أيلول 2010 حاولت وانغ التفاوض مع بعض دائنيها في نوفمبر 2010 لكنهم سلموها إلى الشرطة بعد انتهاء الاجتماع حسبما أفادت شينخوا.
ونقلت الوكالة عن وانغ قولها إن 15 شخصا أقرضوها المال طواعية مقابل فائدة مرتفعة.
وقالت شينخوا إن أحد المحامين المدافعين عن وانغ قال إن أنشطة الاستثمار في العقود الآجلة قانونية وإن التهم الجنائية ضد موكلته لا أساس لها.
لكن محكمة وينتشو في إقليم تشيجيانغ في شرق الصين قضت بأن وانغ ارتكبت جريمة احتيال وحكمت عليها بالإعدام بسبب المبلغ المالي الكبير الذي انطوت عليه العملية.
ولم يذكر تقرير شينخوا إن كان القضاء سيقبل استئناف الحكم. وفي الصين فإن حكما بقضاء فترة في السجن والإعدام يعني في العادة أن العقوبة ستخفض إلى السجن مدى الحياة.

الأحد، 8 سبتمبر 2013

كشكول مشاركات ورسائل القراء

كشكول مشاركات ورسائل القراء


هاتف من شقيقتها الميتة
لقد توفيت شقيقتها منذُ ما يقارب العام.
لحظة سماع خبر وفاتها... شعرت بطوق أسود غير مرئي طوّق فؤادها بالكامل.
أيقظها زوجها من نومها ثم مسح بيده الكبيرة فوق شعرها المنكوش وقال بابتسامة يشوبها ألم:
لقد توفيت شقيقتك (ليلى)
ليلى هي شقيقتها الكبرى... كانت الأخت التي تلوذ بها الشقيقات الثماني بعد وفاة والدتهن... الشقيقة المبتسمة والوديعة دوماً.
تطلق الفكاهات بكل خفة وروح مرحة... على رغم الألم الذي كان يقطع نياط قلبها المريض؛ والسبب... فقد ولدها البكر بعد زفافه بأسبوع واحد فقط في حادث مؤلم.
ولكنها بدت بعد وفاته في الضحك وإطلاق الفكاهات على رغم الحزن الذي يشع من عينيها.
عاودت غطاء النوم فوق وجهها وبدت تسكب الدموع بغزارة.
كل يوم يمر وهي لاتزال لا تصدق خبر وفاة شقيقتها... كان يتهيأ لها أنه حلم مزعج مؤلم ستستيقظ منه قريباً... لكن الشهور تمضي من دون ومضة أمل.
في يوم من الأيام متكررة الروتين... كانت تتصفح قائمة الأرقام فوجدت اسم شقيقتها المتوفاة في القائمة.
غاصت نظرتها في دوامة سوداء... تجمدت عيناها... تجمدت نبضات قلبها؛ فلم تعد تشعر حتى بحفيف الشجر ولا هبات النسيم من حولها.
كان رقم شقيقتها مازال بين قائمة الأهل.
شعرت بطعنات موجعة تطعن بكل بطء قلبها... لاح بين عينيها وجه شقيقتها ليلى المبتسم وعيناها المتشبعتان بالحزن.
داست فوق نمرتها... فبدأ الرنين يتواصل... ثم رفع أحدهم السماعة.
قال: السلام عليكم.
كان هذا صوت شقيقتها الميتة
تجمد الدم في عروقها وبدأ قلبها يدوي بجنون كالطبول الإفريقية.
ثم عاد صوت شقيقتها كعادتها تتحدث بصوت عالٍ: ألو من معي؟
أجابت قائلة: أنا... وكان قلبها بدأ يدوي كالمجنون.
قالت شقيقتها الميتة: حورية... كيف حالك.
أجابت بغصة قائلة: بسم الله الرحمن الرحيم
قالت أختها الميتة: ما الذي يحصل؟
أجابتها: وقد انكسرت الغصة في قلبها والدموع بدت تروي مقلتيها: أنت ميتة.
أجابتها بكل استغراب وكعادتها الهجومية وصوتها المرتفع: ماذا؟!... ما الذي حصل كيف حالك وكيف حال الأولاد... ما الذي يجري لماذا لا تقدمين لزيارتي هذه الأيام... ولا تأتين لزيارة نهاية الأسبوع... أخواتي قدموا إلى بيتي مساء أمس وقد أقمنا مأدبة عشاء... لماذا؟! لم تأتي معهم... لقد اشتقت للأولاد كيف حالهم؟.
أغلقت الهاتف سريعاً وبدأت في ترديد السور القرآنية القصيرة التي تحفظها بسرعة وقلبها مازال يدق بسرعة جنونية.
وضعت كلتا يديها فوق وجهها، جسدها بدأ يرتجف بقوة.
أصرت على أن تتأكد بنفسها من جديد... مر في ذاكرتها شريط إقامة عزائها الأسود... إنها بالفعل توفيت وقد حضر الجميع وقد أقمنا عزاءها لمدة أربعة أيام وقد حضر الجميع من الأهل والمعارف... هذا جنوني وأبدي.
التقطت الهاتف ويدها ترتجف بقوه وقد بدأ جسدها يبرد قليلا... طلبت نمرة شقيقتها الميتة... ثم أجاب الهاتف: الرقم الذي طلبته خارج نطاق الخدمة.
رمت بالهاتف وحولت يديها نحو وجهها تصفعه بقوة جنونية.
ثم تذكرت... إنها لم تقم بزيارتها ولا مرة بعد وفتها... وحتى لم تقرأ لروحها جزءاً من القرآن الكريم.
لقد كانت شقيقتها المتوفاة خير عون لها قبل مماتها ولم تكن تتركها في السراء ولا الضراء... وقد نستها بمجرد موتها حتى من قراءة سورة الفاتحة.
نهضت من فوق كرسي الحديقة وذهبت مهرولة للبحث عن المصحف الشريف... وكان لايزال صدى صوت شقيقتها يدوي في عقلها قائلاً: ما الذي يجري لماذا لا تقدمين لزيارتي هذه الأيام ... ولا تأتين لزيارة نهاية الأسبوع.
‏حواء الأزداني

لا سفارة... ولا قلادة

رفض تعيينه سفيراً لمصر في الفاتيكان، الرجل الذي كان مسئولاً عن كل أشكال التحقيقات المهمة والمؤثرة في فترة مبارك الأخيرة وعهد الحكم العسكري وأخيراً بداية عهد مرسي، والتي انتهت أغلبهم إلى الحكم بالبراءة... يرحل الآن بلا سفارة، وبلا قلادة النيل!
- كنت أعتقد أن منصب سفير سيكون بديلاً لقلادة النيل التي تطيح بمن ينالها من منصبه، لكن سرعان ما ظهرت طريقة جديدة للإطاحة برجال العهد المباركي، الخروج بدون أي شيء... صفر اليدين!
- أي مرشح رئاسي خاسر أو مرشح رئاسي محتمل ولم يخض غمار المنافسة، بكل تأكيد سيكون رأيه ضد قرارات «مرسي» سواء القرارات الأخيرة أو السابقة أو اللاحقة، وهذه سنة الحياة السياسية وطبيعة النخب المصرية!
- كتبت سابقا أقول: أشعر بالخوف أحياناً من أن تصدر إدانة للشعب المصري على قيامه بثورته في 25 يناير، وذلك بعد مسلسل البراءات الذي لا ينتهي بحق رموز النظام القديم، لكنني سعدت جدا بقرار إعادة المحاكمات.
- أصرت وسائل الإعلام والمحللين والخبراء من ضيوف الفضائيات والنخبة... على أن مستشاري مرسي القانونيين لديهم «جهل قانوني» ولا يفقهون شيئاً، ووصلت السخرية إلى حد يعاقب عليه القانون لو كنا في دولة يطبق فيها القانون بحذافيره وبقوة وصرامة، القرارات الأخيرة تثبت عكس ذلك تماماً... بغض النظر عن ماهية القوانين فإنها مصاغة بشكل دقيق!
- أما بخصوص الحفاظ على الدستور والقانون فدعني أعيد كلام قديم ذكرته من شهور: إذا التزمت الثورة بالقانون فما كان هناك حاجة لقيامها، لأنها ستكون ضد مواد القانون والدستور، وإذا كان تغيير كل صاحب منصب سيقابله احتجاج وإضراب وأزمات، فيكيف يمكن تجديد الدماء في المناصب خاصة المناصب المؤثرة والحساسة؟! وإذا كان كل رموز النظام المصري القديم أخذوا براءة من غالبية القضايا المقامة ضدهم، فمن أفقر الشعب وأذل العباد وأفسد البلاد؟!
- كالعادة... الشيء الوحيد الذي نفتقده في خضم مثل هذه الظروف الفارقة في حياة الوطن... هي قناة «الفراعين»، لا أستطيع أن تخيل كيف سيكون شكل «توفيق عكاشة» أو تعليقه على مثل هذه القرارات!
- في الواقع لا أعرف بالضبط هل عودة مجلس الشعب المصري هو أمر جيد أم سيء؟ ولا أحب أي شخص يحدثني في الأمر من وجهة نظر قانونية ودستورية، لأني أنظر للأمر من وجهة نظر أخرى تماماً، خلاصتها أننا نحن من انتخب أعضاء المجلس في المرة الأولى، ونحن أيضاً من سينتخب أعضاءه في المرة القادمة وفي كل انتخابات لاحقة، لكن الفرق الوحيد أنه مع كل انتخابات تدفع الدولة «ملايين الجنيهات» من أجل إجراء الانتخابات، ومع كل مرة نقول إن المجلس القادم سيكون أفضل من السابق... لكن في النهاية تتشابه بدرجة معينة، وإن كنت أرى أن المجلس الأخير أختلف كثيراً عن سابقيه... لكنه لم يأخذ فرصة زمنية كافية!
أحمد مصطفى الغر
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3744 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ

بيريز: عباس مازال شريكاً للسلام... وميركل تؤكد خلافها مع نتنياهو حول المستوطنات

بيريز: عباس مازال شريكاً للسلام... وميركل تؤكد خلافها مع نتنياهو حول المستوطنات

العاهل الأردني في رام الله... والحكومة الفلسطينية تطلب من العرب 240 مليون دولار شهرياً

الرئيس الفلسطيني يتحدث للعاهل الأردني لدى وصوله رام الله - AFP
القدس - أ ف ب، د ب أ 
قام العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني أمس الخميس (6 ديسمبر/ كانون الأول 2012) بزيارة إلى رام الله للقاء الرئيس الفلسطيني، محمود عباس في أول زيارة لزعيم عربي بعد منح وضع مراقب لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة إن «المباحثات بين الزعيمين كانت بناءة تمخض عنها كما هو دائماً التطابق التام في وجهات النظر وتعكس هذا التنسيق والتشاور المشترك بين القيادتين والشعبين».
وأكد نظيره الفلسطيني، رياض المالكي في مؤتمر صحافي مشترك في رام الله أن «هناك تطابقاً كاملاً في وجهات النظر في المباحثات بين الجانبين في مجمل القضايا وحول كافة الرؤى في المرحلة القادمة المرتبطة بالعودة للمفاوضات والوصول إلى العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة».
وفي عمّان، أكد الديوان الملكي في بيان أن العاهل الأردني «أكد دعم الأردن الكامل ووقوفه إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين ومساندته لهم في سعيهم لتحقيق تطلعاتهم في إقامة دولتهم المستقلة والكاملة السيادة على ترابهم الوطني».
و أكد الديوان الملكي أن العاهل الأردني سيعمل مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما فور توليه مهامه «وصولاً إلى انخراط أميركي سريع وجدي في عملية السلام وفقاً لحل الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي ويعد السبيل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي».
من جانب آخر، طالبت الحكومة الفلسطينية أمس (الخميس) دعماً عربياً بقيمة 240 مليون دولار أميركي لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، وذلك عقب رفع التمثيل الفلسطيني في الأمم المتحدة. وقالت الحكومة في بيان عقب اجتماعها الأسبوعي في رام الله إن هذا المبلغ «يجب أن يشكل تطويراً لشبكة الأمان التي وعد بها العرب طوال احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب وعدم ورود منح كانت مقرة لتغطية عجز الموازنة». وطالبت الحكومة المجتمع الدولي بوضع حد لسياسة «القرصنة» الإسرائيلية بحق عائدات الضرائب الفلسطينية التي تجبيها نيابة عن السلطة بموجب الاتفاقات الموقعة، واعتبرته شكلاً من أشكال «الابتزاز السياسي المرفوض».
على صعيد آخر، أكد الرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز في مقابلة حصرية مع وكالة «فرانس برس» أمس أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس ما زال «شريكاً جاداً» للسلام على الرغم من نجاح المسعى الفلسطيني في الأمم المتحدة.
وقال بيريز «حاولت أن أؤثر عليه لعدم فعل ذلك الآن. قلت له أنظر هذا ليس الوقت المناسب لفعل ذلك». وأضاف «لكن ما زلت أعتقد أنه شريك جاد في السلام ورجل جدي وأحترمه».
وفي سياق آخر، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل في مؤتمر صحافي (الخميس) خلافها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو حول مشاريع التوسيع الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية.
وقالت ميركل بعد لقاء مع نتنياهو ووزرائه في مقر المستشارية الألمانية «بشأن المستوطنات نحن متفقون على القول إننا لسنا متفقين».
وتابعت «نعتقد أن الجهود لحل يسير باتجاه الدولتين - واحدة عبرية والثانية فلسطينية - يجب أن تتواصل»، داعية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات.
وفي الداخل الفلسطيني، أعلن المتحدث باسم حركة «حماس»، سامي ابو زهري أمس أن رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل سيزور غزة اليوم (الجمعة) للمشاركة في إحياء الذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة «حماس».
وأضاف في تصريح صحافي أن «زيارة مشعل لغزة ستكون غداً (اليوم) الجمعة وهي تمثل ثمرة من ثمرات انتصار المقاومة».
من جهة أخرى، قال مصدر مسئول في «الجهاد الإسلامي» إن الأمين العام للحركة، رمضان شلح قد يلغي زيارة كان ينوي القيام بها إلى غزة غداً (اليوم) الجمعة بسبب تهديد إسرائيل بوقف التهدئة إذا تمت.
وصرح المصدر الذي طلب عدم كشف هويته أن «الجانب المصري أبلغ الأمين العام الأخ رمضان شلح بأنهم سيقومون بوقف اتفاق التهدئة في حال قيامه بزيارة غزة».
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3744 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ

ربيع واحد وحالات مختلفة... مصر وسورية والكويت

ربيع واحد وحالات مختلفة... مصر وسورية والكويت

  • شفيق الغبرا
  • شفيق الغبرا ...
  • comments [at] alwasatnews.com

منذ انطلاقة الثورات والحراكات السياسية والاجتماعية العربية تبين أن الربيع العربي يتكون من أكثر من تعبير، ففي أماكن وقعت ثورات وفي مجتمعات حركات إصلاحية جذرية. لقد مر ربيع العرب بمراحل، منها فترات هدوء ومنها فترات صخب. ربيع العرب تجربة في التغيير لم يعهد العرب مثلها.
في هذه المرحلة يعيش الجسم العربي المتنوع سلسلة تغيرات تقع جميعها في الزمن ذاته: إن العودة إلى الدكتاتورية ممكنة في بعض الحالات، لكن الأكثر دقةً أن الشعوب لن تهدأ بلا حقوقٍ سياسيةٍ وإنسانيةٍ كاملة، وفصلٍ مقنعٍ للسلطات، وديمقراطيةٍ تتجاوز شكلية صندوق الانتخابات.
إن مسحة سريعة على حالات مختلفة من الحراك العربي الكبير توضح مدى تنوع الوضع العربي. ويتضح أن مصر تواجه الآن أزمة شرعية كبيرة منذ الإعلان الدستوري. فقرارات الرئيس مرسي عززت مخاوف القوى المدنية المصرية من عودة الدكتاتورية ودفعتها للخروج إلى الشارع في ظل مشاهد تؤكد حيوية هذه القوى وإمكانية تطورها في المشهد الربيعي. ما وقع في مصر في الأيام الأخيرة تجديدٌ للثورة بكل المعاني، ما أدى إلى تثوير فئات جديدة من الشعب المصري بما فيها قواعد الحزب الوطني المنحل.
ويمكن القول إن المصريين ما كانوا ليمانعوا في قيام الرئيس مرسي بإقالة المدعي العام، لكنهم يمانعون تعيين المدعي العام الجديد من قبل الرئيس مفضلين بحزم أن يكون التعيين بالانتخاب من قبل القضاء المستقل. والمصريون يواجهون مأزقاً مع الدستور الذي أقر منذ أيام والذي حصنه الرئيس بإعلانه الدستوري المفاجئ. المصريون توقعوا أن يتضمن دستورهم الجديد صيغاً تحمي حقوق الإنسان وتقلص دور الجيش في الاقتصاد، وتوقف محاكمة الجيش للمدنيين، وتعطي المرأة مكانة. لقد شعرت الفئات المدنية والقبطية والحقوقية التي شاركت في الجمعية التأسيسية للدستور بالغربة وبأنهم يشهدون محاولة لفرض نموذج للإسلام فشل في كل دول المعمورة وأنتج دكتاتورية. هذا دفع هذه القوى للاستقالة من الجمعية التأسيسية، فمن أصل مئة عضو لم يتبقَ سوى 28 عضواً يوم إقرار الدستور.
ولا يمكن في هذه الفترة الحساسة تهدئة المصريين إلا عبر سحب الإعلان الدستوري والعودة إلى الجمعية التأسيسية بمشاركة جميع الأطراف. في ظل هذه الأوضاع تتراجع مكانة السلفيين والإخوان في مصر. هذا النزيف لن يتوقف بلا إعادة بناء توازن حقيقي يضمن مدنية الدولة والمشروع الوطني المصري في ظل توافق كل المكونات.
إن المجتمع المصري الثائر ليس ضد الإسلام، والمتظاهرون في شوارع القاهرة والإسكندرية منذ الإعلان الدستوري ليسوا ضد الإخوان، بل هم ضد الدكتاتورية. فمدنية الدولة وفصل السلطات والحريات في مصر جزء لا يتجزأ من نجاح الثورة.
وعلينا التنبه إلى أن التيار الإسلامي المصري لديه قواعد مدنية هي الأخرى جزء من الثورة. لهذا يجب ألا يكون هناك سعي لمعاملة القوى الإسلامية بعد انتهاء هذه المعركة بشأن مدنية الدولة كما حصل مع قواعد الحزب الوطني الديمقراطي بعد الثورة. إن التيار الإسلامي لن يختفي من الساحة، فهو جزء من النسيج المصري/ العربي وتطوره مدخل لتطوير مدنية الدولة في مصر. إن تراجع الرئيس مرسي هو المدخل لإيقاف المواجهات واستعادة الهدوء.
ومن جهة أخرى نجد أن سورية تمر بواحدةٍ من أصعب مراحل التغيير وذلك بسبب تحول الثورة السلمية إلى ثورة مسلحة تشمل كل البلاد. لقد بدأت معركة دمشق الحاسمة. فقوى المعارضة السورية ممثلةً في الداخل بالحراك و «الجيش الحر»، وممثلة في الخارج بجبهتها الجديدة (الائتلاف الوطني السوري) تزداد تأثيراً. فالنظام يخوض معركة فاشلة مع ثورة تحيط به من كل مكان. وكما قلنا في السابق اختار الرئيس الأسد ومؤيدوه النموذج الليبي في القتال والدمار، لكن هذا الأسلوب العبثي يرتد على النظام. صراع سورية هو الأصعب بين كل ثورات الربيع العربي وذلك بسبب الخسائر، ونسب التدمير، وطول المدة. إن تقدم «الجيش الحر» في الأسابيع الأخيرة أعاد الأمل للسوريين بإمكانية تحقيق تغير أكبر في الشهور القليلة المقبلة.
وفي الكويت جرت في الأول من هذا الشهر الانتخابات الأكثر سخونة في تاريخها. الاختلاف الكويتي كما تطور في الأسابيع الماضية أنتج حراكاً شعبياً مقاطعاً للانتخابات وأنتج في الوقت نفسه أطرافاً مشاركة مثلت أقلية السكان. من جهتها أصرت السلطة التنفيذية على الصوت الواحد بينما رفضت المعارضة ذلك الصوت معتبرة إياه انسحاباً من الديمقراطية وإضعافاً لها وإقراراً لقانون انتخابات من قبل سلطة واحدة وليس من جميع السلطات.
وبينما أصرت الدولة على الانتخابات وفق قانون الصوت الواحد أصرت المعارضة على المقاطعة وهي مدعومة بالحراك الشبابي الواسع النطاق والشديد التأثير. لقد نتج من رفض الصوت الواحد والمقاطعة تظاهرات كبرى تخللت الأولى والثانية بعض المواجهات، بينما رخصت الحكومة للتظاهرة الثالثة. في التظاهرة السلمية الأولى بلغ عدد المتظاهرين أكثر من 80 ألفاً وفي الثالثة قبل الانتخابات بيوم خرج ما لا يقل عن 80 ألف متظاهر.
لقد عكست الانتخابات المزاج الشعبي الكويتي الأميل للمقاطعة. ومن جهة أخرى يجب عدم تخوين أحد في الكويت من بين الذين لم يصوّتوا (وهم الغالبية) أو الذين صوّتوا (الأقلية)، فكل منهم مارس حقه السياسي. لكن ما حصل من تصويت ومقاطعة خلق نقاشاً دستورياً عميقاً بشأن قانون الانتخابات وآفاق تعديله في مرحلة لاحقة. لقد قدمت عدة طعون قضائية في المحاكم من قبل شخصيات تراهن على استقلال القضاء وإمكانية أن يبطل نتائج الانتخابات. من جهته أكد الأمير الشيخ صباح الأحمد أنه سيقبل بنتيجة قرار المحكمة. وقد يكون هذا هو المخرج المرحلي الأقل كلفةً خلال عام 2013.
ويملك الجيل الشبابي الكويتي وعياً دستورياً وديمقراطياً لم يكن قائماً قبل عشرين عاماً. والأوضح الآن في الكويت أن السيطرة على الحراك الشبابي الممتد غير ممكنة بلا قيام السلطة التنفيذية بإصلاحات ديمقراطية جادة تبدأ أولاً بالاتفاق على قانون للانتخابات يحظى بإجماع شعبي. الكويتيون يسعون لتعميق ديمقراطيتهم وذلك لأن المجتمع ازداد تعلماً ومعرفة وحاجة للتمثيل السياسي. في هذه الأجواء تتعمق المطالبات بالحكومة الشعبية المنتخبة ولو بعد حين وبعد تجربة مع الأحزاب وتطوير الحياة السياسية.
ما يقع في الكويت يختلف عن ثورات الربيع العربي ويقترب من كونه يتشابه بدرجة من الدرجات مع الحراك الذي وقع في المغرب. ففي الكويت ولاء للمؤسسات الدستورية والأميرية وللنظام السياسي العام، وهناك حالةٌ من الرفاه الذي يختلف من فئةٍ إلى أخرى، وفي الوقت نفسه هناك ولاء ناشئ ومنتشر بين الكويتيين لمبدأ «الشعب مصدر السلطات».
بين هذه الأوضاع المختلفة في كل من مصر وسورية والكويت خيوط جامعة. في كل مكان هناك دور واضح للشباب، وهناك في كل مكان شباب ينتمي إلى تيارات مختلفة ورؤى متعددة تلتزم النهج الحقوقي والديمقراطي. الشباب والقوى السياسية المدنية بالتحديد تريد الشراكة ولم تعد تقبل بصنع القرار من دون مشاورتها واستفتائها والنظر إلى احتياجاتها. إنها تبحث عن مصادر جديدة للشرعية تتضمن الشعب أولاً.
أما التشابه الثاني فمرتبط بأثر السلطة التنفيذية وقراراتها على الناس وعلى ردود فعلهم وسلوكياتهم السياسية، وهذا يختلف عن الماضي اختلافاً كبيراً. ففي مكانٍ احتجاج على إعلان دستوري، وفي مكانٍ آخر احتجاج على تغيير طريقة التصويت، وفي ثالثٍ كما في سورية احتجاج على كل شيء وثورة بلا حدود.
والتشابه الثالث نجده في أثر أسلوب تعامل قوى الأمن مع الناس على سلمية الحراك أو عدم سلميته. إن تعامل قوى الأمن مع القوى المتجمعة في الشارع يؤثر في سلوك هذه القوى ومدى سلميتها وسقف توقعاتها وطروحاتها. فمثلاً رخصت الكويت لمسيرة «كرامة 3» ما عزّز الأجواء السلمية، أما في سورية فالأمر على النقيض ما أدى إلى تدمير البلاد. بين النموذجين هناك نماذج عدة.
ونكتشف في التشابه الرابع أن اعتقال المغرّدين والسياسيين لا يؤدي إلى النتيجة المرجوة من قبل السلطات. ففي هذه الحالة بالتحديد يتحول المغرد إلى رمز سياسي في نظر مؤيديه. هذه الاعتقالات تنتشر عند التعدي على رموز الدولة أو عند المس بما يعرف بالخطوط الحمر. لكن مع كل اعتقال وتحقيق واتهام تنضم فئات وأفراد جدد في كل عائلة وجماعة للحراكات، ما يعمّق الأزمة ويزيدها اشتعالاً، ويزيد من عدد الذين يريدون تحدي الخطوط الحمر. لهذا نؤكد أن القمع ليس حلاً في التعامل مع مشكلات التعبير والحريات مهما كانت لغة التعبير. فعندما ينكسر الوعاء العام المتحكم بالسياسة تنكسر معه الخطوط الحمر.
هذا دليل على أن شيئاً أكبر قد تغيّر في المجتمع، وأن القمع والسجن ليسا الحل، بل إن الحل سنجده في مكان آخر مرتبط بالإصلاحات والتعامل مع المطالب الشعبية.
هذا يقودنا إلى التشابه الخامس. لقد انكسر الوعاء القديم الذي تحكم بتماسك المجتمعات العربية، لهذا تعيش هذه المجتمعات حالة انفلات مرشحة للارتفاع والانتشار. فبينما يتهشم وينهار الوعاء القديم الذي وحّدنا، لم نكتشف حتى الآن الإطار الجامع الجديد الذي يخلق اللحمة بيننا. المجتمعات العربية تبحث في هذه المرحلة عن الوعاء الجديد بينما تستمر الحراكات والاحتجاجات بصفتها التعبير الأهم عن هذا البحث.
شفيق الغبرا
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3744 - الجمعة 07 ديسمبر 2012م الموافق 23 محرم 1434هـ